فصل: باب التفويض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ***


باب التفويض

أي تفويض الزوج تطليق زوجته إليها لما فرغ من بيان الطلاق بولاية المطلق نفسه شرع في بيانه بولاية مستفادة من غيره ‏(‏ وإذا قال ‏)‏ الزوج ‏(‏ لها ‏)‏ أي للزوجة ‏(‏ اختاري ‏)‏ حال كونه ‏(‏ ينوي ‏)‏ به ‏(‏ الطلاق ‏)‏ سواء كانت النية حقيقية أو حكمية كما إذا قال حالة الغضب أو المذاكرة فلا يرد أنه ليس على إطلاقه إذ قد مر أن في الصورتين لا حاجة إلى النية ‏(‏ فاختارت ‏)‏ المرأة ‏(‏ نفسها في مجلسها الذي علمت به ‏)‏ أي بقوله اختاري بسماع أو خبر ‏,‏ وفيه إشعار بأنه لا بد من عملها فلو خيرها ولم تعلم به فاختارت نفسها لم تطلق عندنا خلافا لزفر ‏(‏ فيه ‏)‏ أي في هذا المجلس وإن امتد كما سيجيء ‏(‏ بانت بواحدة ‏)‏ ‏;‏ لأن المخيرة لها خيار المجلس بإجماع الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين إجماعا سكوتيا ‏,‏ وما نقل عن خلاف علي رضي الله تعالى عنه لم يثبت وتمامه في شروح الهداية ‏.‏ ‏(‏ ولا تصح نية الثلاث ‏)‏ لأنه لا عموم للمقتضي ولا رجعية وإن نوى لأن اختيار النفس في البائن وعند الشافعي تصح نيتها وإن لم ينو بانت برجعية وعند مالك وأحمد يقع الثلاث بلا نية ‏.‏ ‏(‏ وإن قامت ‏)‏ المرأة المخيرة ولو كرها ‏(‏ منه ‏)‏ من المجلس ‏(‏ أو أخذت ‏)‏ أي شرعت ‏(‏ في عمل آخر ‏)‏ يخالفه ‏(‏ بطل ‏)‏ خيارها لأن ذلك دليل الإعراض ‏(‏ ولا بد من ذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما ‏)‏ لأن الوقوع عرف سماعا فيتقيد به إجماعا فلو قال لها اختاري فقالت اخترت بطل إلا أن يتصادقا على اختيار النفس كما في الدرر لكن في الفتح عدم الاكتفاء بالتصادق تأمل ‏.‏

فصل ‏(‏ ولو قال ‏)‏ لها ‏(‏ أمرك بيدك اليوم وبعد غد لا يدخل الليل ‏)‏ فيه حتى لا يكون لها الخيار بالليل ‏;‏ لأن كل واحد من اليومين ذكر مفردا واليوم المفرد لا يتناول الليل ولا يمكن أن يجعل أمرا واحدا لتخلل ما يوجب الفصل بين الوقتين فكانا أمرين ضرورة ‏.‏ ‏(‏ وإن ردته ‏)‏ أي المخيرة الأمر ‏(‏ في اليوم ‏)‏ في هذه المسألة ‏(‏ لا يرتد ‏)‏ الأمر ‏(‏ بعد غد ‏)‏ ‏;‏ لأنه لما ثبت أنهما أمران لانفصال وقتهما ثبت لها الخيار في كل واحد من الوقتين على حدة فبرد أحدهما لا يرتد الآخر ‏,‏ وفيه خلاف زفر ‏.‏ ‏(‏ وإن قال ‏)‏ أمرك بيدك ‏(‏ اليوم وغدا يدخل الليل ‏)‏ ‏;‏ لأنه لم يتخلل بين الوقتين المذكورين وقت من جنسهما لم يتناوله الأمر وكان أمرا واحدا وهذا لأن تخلل الليلة لا يفصلها ‏;‏ لأن القوم قد يجلسون للمشورة فيهجم الليل ولا تنقطع مشورتهم ومجلسهم كما في الهداية وغيرها لكن في الفتح الاعتبار به تعليلا لدخول الليل في التمليك المضاف إلى اليوم وغده ‏;‏ لأنه يقتضي دخول الليل في اليوم المفرد لذلك المعنى وهو هجوم الليل ومجلس المشورة لم ينقطع تتبع ‏.‏ ‏(‏ وإن ردته اليوم لا يبقى ‏)‏ الأمر في يدها ‏(‏ غدا ‏)‏ كما لا يبقى في النهار إذا قال أمرك بيدك اليوم وردت في أوله ولو قال أمرك بيدك اليوم وأمرك بيدك غدا فهما أمران حتى إن ردت الأمر في اليوم كان لها أن تختار في الغد وهو مروي عن أبي يوسف قال شمس الأئمة وهذا صحيح لاستقلال كل واحد من الكلامين فلا حاجة إلى ارتباطه بما قبله وذكر في الخانية هذه ولم يذكر فيها خلافا ‏.‏ ‏(‏ ولو مكثت ‏)‏ الزوجة ‏(‏ بعد التفويض ‏)‏ في مجلس التفويض وبلوغ الخبر ‏(‏ يوما ‏)‏ أو أكثر منه ‏(‏ ولم تقم ‏)‏ هي من المجلس ولم تأخذ في عمل آخر قيد به ‏;‏ لأنه لو خيرها ثم قام هو لم يبطل ‏(‏ لو كانت قائمة فجلست ‏)‏ ‏;‏ لأن الجلوس أجمع للرأي وكذا لا يبطل لو مشت من جانب بيت إلى جانب آخر بخلاف ما لو ذهبت إلى مجلس آخر يغايره عرفا ‏(‏ أو ‏)‏ كانت ‏(‏ جالسة فاتكأت ‏)‏ هذه رواية الجامع الصغير وذكر في غيره أنها إذا كانت قاعدة فاتكأت لا خيار لها ‏;‏ لأن ذلك دليل التهاون فكان إعراضا والأول أصح ‏(‏ أو ‏)‏ كانت ‏(‏ متكئة فقعدت ‏)‏ ولو كانت قاعدة فاضطجعت فيه روايتان عن أبي يوسف ‏(‏ أو ‏)‏ كانت ‏(‏ على دابة ‏)‏ سائرة ‏(‏ فوقفت ‏)‏ أو نزلت ‏(‏ أو دعت أباها ‏)‏ أو غيره ‏(‏ للمشورة أو ‏)‏ دعت ‏(‏ شهودا للإشهاد ‏)‏ كما في أكثر المعتبرات ‏.‏ لكن في القهستاني خلاف تتبع ‏(‏ لا يبطل خيارها ‏)‏ ‏;‏ لأن كلا منها لجمع الرأي فيتعلق بما مضى ولا يكون دليلا على الإعراض إلا أن تقوم قرينة على الإعراض وكذا لا يبطل لو سبحت أو قرأت أو أتمت المكتوبة أو أكلت شيئا يسيرا أو شربت أو لبست ثيابها من غير قيام بخلاف ما لو اشتغلت بنوم أو اغتسال أو امتشاط أو اختضاب أو تمكن من الزوج فيبطل ‏.‏ ‏(‏ وإن سارت دابتها ‏)‏ بعد التفويض والدابة واقفة ‏(‏ بطل ‏)‏ خيارها ‏;‏ لأن سيرها ووقوفها تضافان إليها ‏(‏ لا بسير فلك هي ‏)‏ أي المرأة ‏(‏ فيه ‏)‏ أي في الفلك ‏;‏ لأن سيره غير مضاف إلى راكبه لعدم قدرته على الإيقاف ‏.‏

فصل ‏(‏ ولو قال لها طلقي نفسك ولم ينو ‏)‏ به طلاقا ‏(‏ أو نوى واحدة فطلقت ‏)‏ أي فقالت طلقت نفسي ‏(‏ وقعت ‏)‏ طلقة ‏(‏ رجعية ‏)‏ ‏;‏ لأنها صريحة ‏.‏ ‏(‏ وكذا ‏)‏ تقع رجعية ‏(‏ لو قالت ‏)‏ في جوابه ‏(‏ أبنت ‏)‏ نفسي أما وقوع الطلاق فلأن الإبانة من ألفاظه بدليل الوقوع بأبنتك فصلحت جوابا لطلقي نفسك ‏,‏ وأما كونه رجعيا فلأن المفوض إليها هو الرجعي وقد أتت بزيادة وصف وهو البينونة فيلغو ذلك والمخالفة في الوصف لا تعدم الأصل فلا تعد خلافا لكونه تبعا وعن الإمام لا يقع شيء ‏;‏ لأنها أتت بغير ما فوض إليها كما في الاختيار ‏.‏ ‏(‏ وإن طلقت ثلاثا ‏)‏ جملة أو متفرقة بعدما قال الزوج طلقي نفسك بخلاف ما لو قال طلقي نصف تطليقة فطلقت واحدة أو قال ثلاثا فطلقت ألفا حيث لا يقع شيء ‏;‏ لأن المخالفة في الأصل ‏(‏ ونواه ‏)‏ أي الزوج ‏(‏ وقعن ‏)‏ أي الثلاث ‏;‏ لأنه مختصر من افعلي فعل الطلاق الدال على الواحد الحقيقي والحكمي ‏.‏ ‏(‏ ولغت نية الثنتين ‏)‏ في الحرة وتقع واحدة كما بيناه آنفا ‏.‏ ‏(‏ ولو قالت ‏)‏ في جوابه ‏(‏ اخترت نفسي لا تطلق ‏)‏ ‏;‏ لأنه ليس من ألفاظه لا صريحا ولا كناية بدليل عدم الوقوع باختاري ‏(‏ ولا يملك ‏)‏ الزوج ‏(‏ الرجوع بعد قوله طلقي نفسك ‏)‏ لما فيه من معنى التعليق ‏(‏ ويتقيد بالمجلس ‏)‏ فلو قامت من مجلسها بطل خيارها ‏;‏ لأنه تمليك الطلاق ‏(‏ إلا إذا قال ‏)‏ مع قوله طلقي نفسك ‏(‏ متى شئت ‏)‏ فلها أن تطلق نفسها في المجلس وبعده لعموم متى في الأوقات فدخل إذا وإذا ما ولا يرد على قول الإمام في إذا أنها بمنزلة إن عنده فلا يقتضي بقاء الأمر في يدها ‏;‏ لأنها يمكن أن تعمل شرطا فيتقيد وأن تعمل ظرفا فلا يتقيد ‏,‏ والأمر صار في يدها فلا يخرج بالشك ‏.‏ وفي البحر وحين بمنزلة إذا وكلما كمتى في عدم التقييد بالمجلس مع اختصاصها بإفادة التكرار إلى الثلاث بخلاف أن وكيف وحيث وكم وأين وأينما فإنها تتقيد بالمجلس ‏.‏

باب التعليق

أي تعليق الطلاق بشيء لما فرغ من بيان أبحاث المنجز شرع في المعلق ‏,‏ والتعليق من علقه تعليقا جعله معلقا ‏.‏ وفي الاصطلاح هو ربط حصول مضمون جملة بحصول مضمون جملة أخرى ‏(‏ إنما يصح ‏)‏ التعليق حال كونه ‏(‏ في الملك ‏)‏ أي القدرة على التصرف في الزوجية بوصف الاختصاص وذلك عند وجود النكاح أو العدة مع حل العقد ‏,‏ فإنه لو وجد أحدهما والمرأة مدخولة محرمة بالمصاهرة لم يصح التعليق فيه فمن بعض الظن تأويل الملك بوجود النكاح ‏,‏ والمتبادر أن الملك لم يشترط لصحة التنجيز وليس ذلك وبقاء الملك في عدة الرجعي مما لا خلاف فيه ‏,‏ وأما في عدة البائن ففيه خلاف كما في القهستاني ‏(‏ كقوله لمنكوحته ‏)‏ أو لمعتدته ‏(‏ إن زرت فأنت طالق ‏)‏ فيقع بعد وجود الشرط وهو الزيارة ‏,‏ ولو كان المعلق عاقلا وقت التعليق ثم جن عند الشرط ‏;‏ لأنه هو إيقاع حكما ‏.‏ ألا يرى أنه لو كان عنينا أو مجنونا يفرق بينهما ويجعل طلاقا ‏(‏ أو مضافا إلى الملك ‏)‏ بأن يعلق على نفس الملك ‏,‏ نحو إن ملكت طلاقك فأنت طالق أو على سببه ‏(‏ كقوله لأجنبية إن نكحتك ‏)‏ أي تزوجتك ‏(‏ فأنت طالق ‏)‏ فإن النكاح سبب للملك فاستعير السبب للمسبب أي ملكتك بالنكاح ‏(‏ فيقع إن نكحها ‏)‏ لوجود الشرط ‏.‏ وفي الزاهدي قد ظفرت برواية عن محمد أنه لو أضاف إلى سبب الملك لم يصح التعليق كما قال بشر المريسي ‏;‏ لأن الملك يثبت عقيب سببه والجزاء يقع عقيب شرطه فلو صح تعليقه به لكان الطلاق مقارنا لثبوت الملك والطلاق المقارن لثبوت الملك أو لزواله لم يقع كما لو قال أنت طالق مع نكاحك أو في نكاحك أو مع موتي أو مع موتك ‏,‏ وتمامه في التبيين فليطالع ‏.‏ ولا فرق بين ما إذا خصص أو عم كقوله كل امرأة خلافا لمالك فإنه قال إذا لم يسم امرأة بعينها أو قبيلة أو أرضا أو نحو هذا فلا يلزمه ذلك ‏.‏ وقال الشافعي لا يصح التعليق المضاف إلى الملك ‏,‏ وتفصيل دليلنا ودليلهما مذكور في المطولات فليطالع ‏.‏ ثم التعليق قد يكون بصريح الشرط وهو ظاهر ‏,‏ وقد يكون بمعناه ويشترط حينئذ أن تكون المرأة غير معينة مثل أن يقول المرأة التي أتزوجها طالق بخلاف هذه المرأة التي أتزوجها طالق فتزوجها لم تطلق ‏;‏ لأنها لما تعرفت بالإشارة لم يراع فيها صفة التزوج بل الصفة فيها لغو فبقي قوله هذه طالق ‏.‏

باب طلاق المريض

باب طلاق المريض وفي البعض ‏"‏ الفار ‏"‏ ‏,‏ ورجحه بأن قال الحكم غير مختص بالمرض لكن من نظر إلى أصالة المرض عنون به والباقي تبع له ووجه تأخيره ليس بخفي ‏(‏ الحالة التي يصير بها الرجل فارا بالطلاق ولا ينفذ تبرعه فيها ‏)‏ أي في هذه الحالة ‏(‏ إلا من الثلث ما يغلب فيها الهلاك ‏)‏ أي خوفه وهذا حد للمريض مرض الموت شرعا وهو شامل للرجل والمرأة ثم ذكر لتوضيحه ما يختص بالرجل من حد آخر فقال ‏(‏ كمرض يمنعه عن إقامة مصالحه ‏)‏ أو عن الذهاب إلى حوائجه ‏(‏ خارج البيت ‏)‏ ‏.‏ وفي الذخيرة لا عبرة للقدرة في البيت وهذا هو الصحيح وقيل لا يصلي قائما وقيل لا يمشي وقيل يزداد مرضه وقيل المعتبر في حق الفقيه أن لا يقدر على الخروج إلى المسجد وفي السوقي أن لا يقدر على الخروج إلى الدكان ‏.‏ وفي التسهيل قال أبو الليث لا يشترط كونه صاحب فراش بل العبرة للغلبة يعني إن كان الغالب من ذلك المرض هو الموت وهو مرض الموت وإن كان يخرج من البيت ‏,‏ هذا في حق الرجل فأما المرأة لا تحتاج إلى الخروج من البيت في حوائجها فلا يعتبر هذا الحد في حقها ولكن إذا كانت بحيث لا يمكنها الصعود إلى السطح فهي مريضة كما سيأتي ‏,‏ والحامل كالصحيحة إلا إذا أخذها الوجع الذي يكون آخره انفصال الولد فهي كالمريضة ‏,‏ أما إذا أخذها ثم سكن فغير معتبر ‏,‏ والمسلول والمقعد والمفلوج والمدقوق ما دام يزداد به فهو مريض كما في المحيط ‏(‏ ومبارزته رجلا ‏)‏ أي محاربته عطف على قوله مرض ‏(‏ وتقديمه ليقتل في قصاص ‏)‏ عند بعضهم وهو الصحيح وعليه الاعتماد ‏(‏ أو رجم ‏)‏ على المختار ويدخل فيه من قدمه ظالم ليقتله وكمن أخذه السبع بفيه أو انكسرت السفينة وبقي على لوح ‏(‏ فلو أبان ‏)‏ واحدة أو أكثر ‏(‏ امرأته ‏)‏ بغير رضاها وهي ممن ترثه ‏(‏ وهو بتلك الحالة ثم مات عليها ‏)‏ أي على تلك الحالة ‏(‏ بذلك السبب أو بغيره ‏)‏ كما إذا قتل المريض أو مات ذلك المبارز بمرض ‏(‏ وهي ‏)‏ امرأته ‏(‏ في العدة ‏)‏ وفيه إشارة إلى أن المرأة إن كانت غير مدخول بها لا ترث ‏;‏ لأنها لا عدة عليها وإلى أنه لو مات بعد العدة لا ترث عندنا خلافا لابن أبي ليلى وأحمد وإسحاق وأبي عبيد فإنها ترث عندهم بعد العدة ما لم تتزوج بآخر وعن مالك والليث وإن تزوجت بأزواج ‏(‏ ورثت ‏)‏ جواب لو ‏;‏ لأنه قصد إبطال إرثها فرد عليه خلافا للشافعي ‏.‏ وفي المنح ولا يشترط علم الزوج بأهليتها للميراث فلو طلقها بائنا في مرضه ‏,‏ وقد كان سيدها أعتقها قبله ولم يعلم به كان فارا فترث به بخلاف ما لو قال لأمته أنت حرة غدا وقال الزوج أنت طالق ثلاثا بعد غد إن علم بكلام المولى كان فارا وإلا لا ‏(‏ وكذا ‏)‏ ترث ‏(‏ لو طلبت رجعية فطلقها ثلاثا ‏)‏ أو بائنا ‏;‏ لأن الرجعي لا يزيل النكاح ولهذا يحل له وطؤها فلم تكن بسؤالها إياه راضية ببطلان حقها ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ كذا ترث ‏(‏ مبانة قبلت ابنه ‏)‏ أي ابن الزوج ‏(‏ بشهوة ‏)‏ ‏;‏ لأن البينونة وقعت قبل تقبيلها بإبانة الزوج فكان فارا ولم تكن الفرقة من قبلها أولا بخلاف ما إذا قبلت ابن المريض أو جامعها ‏,‏ ولو مكرهة حال قيام النكاح أو بعد الطلاق الرجعي فإنها لا ترث لوقوع الفرقة من جهتها ‏.‏

باب الرجعة

وجه المناسبة في أعقاب الطلاق بالرجعة ظاهر الرجعة بالكسر ‏,‏ والفتح أفصح لغة الإعادة وشرعا ‏(‏ هي استدامة النكاح القائم ‏)‏ أي طلب دوام النكاح القائم على ما كان ما دامت ‏(‏ في العدة ‏)‏ ‏;‏ لأن الملك باق في العدة زائل بعد انقضائها وقوله تعالى ‏{‏ وبعولتهن أحق بردهن ‏}‏ أي برجعتهن يدل على جميع ما ادعى من شرعية الرجعة وشرطية العدة وعدم شرطية رضاها ومن أحكامها أن تصح إضافتها إلى أي وقت في المستقبل لا تعليقها بالشرط ‏,‏ ثم الرجعة قد تكون بالأقوال صريحا وكناية ‏,‏ وقد تكون بالأفعال وأشار إلى الأول وفرع عليه بقوله ‏(‏ فمن طلق ‏)‏ امرأته ‏(‏ ما دون ثلاث بصريح الطلاق أو بالثلاث الأول من كناياته ‏)‏ وهي اعتدي واستبرئي رحمك وأنت واحدة لكن في تقييده بالثلاث كلام ‏,‏ وقد بيناه في الكنايات تأمل ‏(‏ ولم يصفه ‏)‏ أي الطلاق الصريح ‏(‏ بضرب من الشدة ‏)‏ ‏,‏ وقد تقدم ذكره ‏(‏ ولم يكن بمقابلة مال فله ‏)‏ أي للزوج ‏(‏ أن يراجع وإن ‏)‏ وصلية ‏(‏ أبت ‏)‏ المرأة عن رجوعه ‏;‏ لأن الأمر بالإمساك مطلق في التقديرين ‏(‏ ما دامت في العدة ‏)‏ قيل ولا بد من ذكر الزوجة مدخولا بها ‏;‏ لأن العدة قد تجب بالخلوة الصحيحة بلا دخول ولا تصح فيها الرجعة أجيب بأنه يفهم ضمنا إذ لا عدة لغير المدخول بها فلا يلزم ذكر المدخول بها ‏.‏ تأمل ‏.‏ والحاصل أن للرجعة شروطا منها كون الطلاق بغير ثلاث في الحرة وبغير ثنتين في الأمة ومنها كونه صريحا لفظا أو اقتضاء ‏,‏ إذ فيما يفيد البينونة كالموصوف بالشدة والمقابل بالمال لا مراجعة ومنها كون المرأة في العدة ولهذا لم تشرع الرجعية قبل الدخول ‏(‏ بقوله ‏)‏ متعلق بقوله أن يراجع ‏(‏ راجعتك ‏)‏ في الحضرة ‏(‏ أو راجعت امرأتي ‏)‏ في الحضرة والغيبة ‏,‏ وما وقع في القهستاني وغيره من اشتراط الإعلام مخالف لما بعده وهو قوله وندب إعلام الزوج قولا وفعلا ‏.‏ تأمل ‏.‏ ومن الصريح ارتجعتك وراجعتك ورددتك وأمسكتك ومسكتك فبهذه يصير مراجعا بلا نية وفي بعض المواضع يشترط في رددتك ذكر الصلة كإلي أو إلى نكاحي أو إلى عصمتي ولا يشترط في الارتجاع والمراجعة وهو أحسن كما في الفتح وفي أنت عندي كما كنت أو أنت امرأتي لا يصير مراجعا إلا بالنية والإطلاق مشير إلى أنها تصح عن وكيله كما في القهستاني ‏,‏ واختلفوا في الإمساك والنكاح والتزوج فلو تزوجها في العدة لا يكون رجعة عند الإمام وعند محمد هو رجعة ‏.‏ وفي الينابيع وعليه الفتوى وعن أبي يوسف روايتان ‏(‏ أو بفعل ما يوجب حرمة المصاهرة ‏)‏ هذا هو الثاني من قسمي الرجعة أي له أن يراجع بفعل ما يوجب حرمتها ‏(‏ من وطء ‏)‏ في فرجها أو في دبرها على الصحيح وعليه الفتوى ‏.‏ وقال الشافعي لا تصح الرجعة إلا بالقول عند القدرة عليه بأن لا يكون أخرس أو معتقل اللسان فلا يجوز عنده الوطء قبل الرجعة بالقول ‏(‏ ومس ‏)‏ بشهوة ‏(‏ ونحوه ‏)‏ كالقبلة والنظر إلى داخل فرجها ‏(‏ من أحد الجانبين ‏)‏ فلو لمست زوجها بشهوة أو نظرت إلى فرجه بشهوة وعلم الزوج بذلك وتركها فهو رجعة سواء كان بتمكينه أو فعلته اختلاسا أو كان نائما أو مكرها أو معتوها ‏.‏ وفي السرخسي قال شيخ الإسلام أنه رجعة عند الطرفين اعتبارا بالمصاهرة كما لو إذا أدخلت ذكره في فرجها وهو نائم ‏,‏ وليس برجعة عند أبي يوسف هو يقول الرجعة قولا منه لا منها فكذا فعلا ‏.‏ وفي التبيين وعن أبي يوسف ومحمد لا يكون رجعة ويعلم من هذا أن محمدا مع أبي يوسف لكن يمكن أن يحمل على الروايتين هذا إذا صدقها الزوج أنها فعلت بشهوة أما لو أنكر فلا تثبت الرجعة وإن شهدوا بها ‏;‏ لأن الشهوة لا يمكن إثباتها بالبينة ‏.‏ وفي الجوهرة ‏,‏ ولو صدقها الورثة بعد موته أنها فعلته بشهوة كان ذلك رجعة ‏.‏

باب الإيلاء

باب ‏(‏ الإيلاء ‏)‏ ‏(‏ هو ‏)‏ لغة مصدر آليت على كذا إذا حلفت عليه فأبدلت الهمزة ياء والياء ألفا ثم همزة والاسم منه آلية وتعديته بمن في القسم على قربان المرأة لتضمين معنى التباعد ‏,‏ وشرعا ‏(‏ الحلف ‏)‏ بكسر اللام مصدر أو اسم ‏(‏ على ترك وطء الزوجة مدته ‏)‏ أي الإيلاء ‏,‏ ولا يرد ما في التبيين وغيره من أن هذا التعريف ينقض بقول الزوج لها إن قربتك فلله علي أن أصلي ركعتين أو أغزو فإنه شامل له وليس من أسباب الإيلاء عند الشيخين فالأولى أن يقال الإيلاء في الشرع عبارة عن منع النفس عن قربان المنكوحة أربعة أشهر فصاعدا منعا مؤكدا بشيء يلزمه وهو يشق عليه ‏;‏ لأن المشقة معتبر في ماهية الإيلاء وإن ما لا مشقة فيها فلا إيلاء تأمل ‏(‏ وهي ‏)‏ أي مدته ‏(‏ أربعة أشهر ‏)‏ متوالية هلالية أو يومية وعند الأئمة الثلاثة لا بد من أكثر ‏(‏ للحرة ‏)‏ لقوله تعالى ‏{‏ للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ‏}‏ الآية ‏(‏ وشهران للأمة ‏)‏ لما مر أن الرق منصف خلافا للشافعي وأحمد في الأظهر ‏(‏ فلا إيلاء لو حلف على أقل منها ‏)‏ بل يمين وإنما صرح مع أنه علم ضمنا ردا لابن أبي ليلى فإنه قال هو مول فإن تركها أربعة أشهر بانت بتطليقة وهو قول الإمام أولا ثم رجع عنه والتصريح في محل الخلاف دأب المؤلفين ومن لم يعرف فقال ما قال تأمل ‏.‏ ‏(‏ وحكمه ‏)‏ أي الإيلاء ‏(‏ وقوع طلقة بائنة إن بر ‏)‏ أي حفظ اليمين بأن لم يطأها في المدة ولم يبين ركنه نصا وهو والله لا أقربك ونحوه ‏,‏ وشرطه المحل والأهل هو أن تكون المرأة منكوحة وقت تنجيز الإيلاء والحالف أهلا للطلاق عند الإمام وأهلا للكفارة عندهما فصح إيلاء الذمي عنده لا عندهما أما لو آلى بما هو قربة كالحج لا يصح اتفاقا وبما لا يلزم قربة كالعتق فإنه يصح اتفاقا ‏.‏

باب الظهار

وهو في اللغة مصدر ظاهر الرجل أي قال لزوجته أنت علي كظهر أمي أي أنت علي حرام كبطن أمي فكنى عن البطن بالظهر الذي هو عمود البطن لئلا يذكر ما يقارب الفرج ثم قيل ظاهر من امرأته فعدي بمن لتضمين معنى التجنب لاجتناب أهل الجاهلية عن المرأة المظاهر منها إذ الظهار طلاق عندهم كما في القهستاني ‏.‏ وشرعا ‏(‏ هو تشبيه ‏)‏ مسلم عاقل بالغ ولم يصرح لشهرته فلا يصح ظهار الذمي والمجنون والصبي وهذا شرطه ‏(‏ زوجته ‏)‏ وفي إطلاقه إشارة إلى أن المدخولة وغيرها والكبيرة والصغيرة والرتقاء وغيرها والعاقلة والمجنونة والمسلمة والكتابية سواء ‏(‏ أو ‏)‏ تشبيه ‏(‏ عضو منها يعبر به عن جملتها ‏)‏ مثل الرقبة والعنق والروح والبدن والجسد والوجه وغيرها ‏(‏ أو ‏)‏ تشبيه ‏(‏ جزء شائع منها ‏)‏ كنصفها وثلثها ‏(‏ بعضو يحرم عليه ‏)‏ أي على المظاهر ‏(‏ النظر إليه من ‏)‏ أعضاء ‏(‏ محارمه ‏)‏ أي يحرم نكاحه أبدا فلو شبهها بأخت امرأته لا يكون مظاهرا ‏;‏ لأن حرمتها موقتة بكون امرأته في عصمته ‏.‏ ‏(‏ ولو رضاعا ‏)‏ أو صهرية وإنما ترك قوله تأبيدا ‏;‏ لأن الحرمة بأحد هذه الوجوه لا تكون إلا مؤبدة ومن لم يعرف فقال ما قال تدبر فالتشبيه مخرج لنحو أنت أمي أو أختي أو بنتي فإنه ليس بظهار كما في المبسوط فلو قال إن فعلت كذا فأنت أمي وفعله فهو باطل وإن نوى التحريم ‏,‏ وإضافته مخرجة لما قالت لزوجها أنت علي كظهر أمي فإنه لغو في الصحيح ‏.‏ وفي الجوهرة هذا قول محمد وعليه الفتوى وعن أبي يوسف أنه ظهار ‏.‏ وقال الحسن ‏:‏ إنه يمين فيلزمها كفارة يمين ورجحه ابن الشحنة والمحرم مخرج لما إذا شبه بمزنية الأب أو الابن فإن حرمتها لا تكون مؤبدة ولذا لو حكم بجواز نكاحها نفذ ‏,‏ وهذا عند محمد خلافا لأبي يوسف كما في القهستاني ‏.‏ وفي البحر لو قال إذا تزوجتك فأنت طالق ثم قال إذا تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فتزوجها يقع الطلاق ولا يلزم الظهار في قول الإمام وفي قولهما لزمه جميعا ولو قال لأجنبية إن تزوجتك فأنت علي كظهر أمي مائة مرة فعليه لكل مرة كفارة فعلم من هذا أن إضافة الظهار إلى ملك أو سببه صحيحة ‏(‏ فلو قال لها أنت علي كظهر أمي ‏)‏ نظير تشبيه زوجته ‏(‏ أو رأسك ونحوه ‏)‏ نظير تشبيه عضو منها يعبر به عن الجملة ‏(‏ أو نصفك وشبهه ‏)‏ نظير تشبيه الجزء الشائع ‏(‏ أو كبطنها ‏)‏ عطف على قوله كظهر أمي نظير تشبيه للعضو والمشبه به الذي يحرم عليه النظر إليه من محارمه ‏(‏ أو فخذها أو كظهر أختي أو عمتي ونحوهما ‏)‏ من محارمه على التأبيد ‏(‏ حرم ‏)‏ جواب لو ‏(‏ عليه ‏)‏ أي الزوج ‏(‏ وطؤها ودواعيه ‏)‏ كالتقبيل والمس بشهوة ‏.‏ وفي الظهيرية إن النظر إلى ظهرها وبطنها لم يحرم وفيه خلاف الشافعي في القول الجديد وأحمد في رواية ‏(‏ حتى يكفر ‏)‏ ‏,‏ وهذا حكمه أما حرمة الوطء فبالكتاب والسنة وأما حرمة الدواعي فلدخولها تحت النص المفيد لحرمة الوطء ‏,‏ وهو قوله تعالى ‏{‏ من قبل أن يتماسا ‏}‏ ‏;‏ لأنه لا موجب فيه للحمل على المجاز وهو الوطء لإمكان الحقيقة ويحرم الجماع ‏;‏ لأنه من أفراد التماس فيحرم الكل بالنص كما في الفتح لكن في البحر كلام فليطالع ‏.‏

باب اللعان

هو مصدر لاعن يلاعن ملاعنة ولعانا ولاعن امرأته ملاعنة ولعانا ولعنه طرده وأبعده وهو لعين وملعون سمي به لما في الخامسة من لعن الرجل نفسه وهي من تسمية الكل باسم البعض كالتشهد كما في التبيين ‏.‏ وفي النهر ولم يسم بالغضب وإن كان موجودا فيه لما في جانبها ‏;‏ لأن لعنه أسبق والسبق من أسباب الترجيح أو سمي به تغليبا أو ‏;‏ لأن الغضب قائم مقام اللعن وسببه قذف الرجل زوجته قذفا يوجب الحد في الأجنبية وركنه شهادات مؤكدات باللعن واليمين ‏,‏ وأهله أهل الشهادة وشرطه قيام النكاح وحكمه حرمة الوطء بعده ولو قبل التفريق بينهما ‏(‏ هو ‏)‏ أي اللعان في الشرع ‏(‏ شهادات ‏)‏ يأتي صفتها والكلام عليها ‏(‏ مؤكدة بالأيمان ‏)‏ كل واحد بيمين وعند الثلاثة أيمان مؤكدات بالشهادات فمن كان أهلا لليمين كان أهلا للعان فيلاعن الذمي والعبد والمحدود في قذف لكونهم من أهل اليمين ‏(‏ مقرونة ‏)‏ تلك الشهادات ‏(‏ باللعن قائمة مقام حد القذف في حق الزوج ‏)‏ بالنسبة إلى كل زوجة على حدة لا مطلقا ألا يرى أنه لو قذف بكلمة أو كلمات أربع زوجات له بالزنا لا يجزئه لعان واحد لهن بل لا بد من أن يلاعن كلا منهن على حدة بخلاف الحد ‏(‏ ومقام حد الزنا في حقها ‏)‏ بمعنى أنهما إذا تلاعنا سقط عنهما حد القذف وحد الزنا ‏,‏ والدليل على أنه حد القذف في حقه فعل النبي عليه الصلاة والسلام كما هو معروف في قصة هلال بن أمية والأصل فيه قوله تعالى ‏{‏ والذين يرمون أزواجهم ‏}‏ الآية وتمامه في المطولات ‏(‏ فلو قذف زوجته ‏)‏ بنكاح صحيح سواء دخل بها أو لا فلا لعان بقذف الأجنبية لكن يحد وكذا المبانة والميتة وبعد العدة من الرجعي ‏,‏ وكذا إذا تزوجها بعد هذا الطلاق ‏;‏ لأن الساقط لا يعود ‏,‏ وهذا حيلة اللعان كما لا يخفى ‏,‏ وإنما قيدنا بعد العدة من الرجعي ‏;‏ لأن في العدة لم يسقط اللعان ‏(‏ بالزنا ‏)‏ الصريح بأن قال أنت زانية أو زنيت لا بكناية ولا بغيره ‏(‏ وكل منهما أهل للشهادة ‏)‏ أي لأدائها على المسلم لا للتحمل فلا لعان بين كافرين وإن قبلت شهادة بعضهم بعضا عندنا ‏;‏ لأنه لا بد معها من أهلية اليمين والكافر ليس من أهل اليمين ولا بين كافرة ومسلم ولا بين مملوكين ولا إذا كان أحدهما مملوكا أو صبيا أو مجنونا أو محدودا في قذف وأورد أنه يجري بين الأعميين والفاسقين مع أنهما لا تقبل شهادتهما ودفع بأنهما من أهلها إلا أنها لا تقبل للفسق ولعدم تمييز الأعمى بين المشهود له وعليه ‏,‏ وهاهنا يقدر على أن يفصل بين نفسه وامرأته كما في أكثر الكتب وبهذا ظهر فساد ما قبل يبطل هذا بلعان الأعمى فإنه ليس من أهل الأداء تأمل وروي عن الإمام أن الأعمى لا يلاعن ‏(‏ وهي ممن يحد قاذفها ‏)‏ فإن كانت لا يحد قاذفها بأن تزوجت بنكاح فاسد أو كان لها ولد وليس له أب معروف ووجوده معها ليس بشرط أو زنت في عمرها ولو مرة أو وطئت وطئا حراما بشبهة ولو مرة لا يجري اللعان ‏.‏ وفي البحر لو قذفها فتزوجت غيره فادعى الأول الولد لزمه وحد للقذف ‏,‏ وإن ولدت من الثاني لا شيء عليه إن كان قبل إكذاب الأول وإن بعد الإكذاب لاعن ‏,‏ وإنما اكتفى بذكر الشرط المذكور في حقها مع أنه مشروط في حقه أيضا ‏;‏ لأن المرأة هي المقذوفة دونه فاختصت باشتراط كونها ممن يحد قاذفها بعد اشتراط أهلية الشهادة بخلافه ‏;‏ لأنه ليس بمقذوف بل هو شاهد فاشترطت أهلية الشهادة دون كونه ممن يحد قاذفه كما في الفتح ثم الإحصان يعتبر عند القذف حتى لو قذفها وهي أمة أو كافرة ثم أعتقت أو أسلمت لا يجب الحد واللعان وكذا بردتها ولا يعود لو أسلمت بعده ويسقط بموت شاهد القذف وغيبته لا لو عمي الشاهد أو فسق أو ارتد ‏.‏ وفي التنوير لو قال زنيت وأنت صبية أو مجنونة ‏"‏ وهو ‏"‏ أي الجنون ‏"‏ معهود ‏"‏ فلا لعان بخلاف ما لو قال زنيت وأنت ذمية أو أمة أو منذ أربعين سنة وعمرها أقل ‏(‏ أو نفى ‏)‏ عطف على قذف أو بالزنا أي بعد الزواج منه بأن يقول ليس مني ‏(‏ نسب ولدها ‏)‏ هو أعم من كونه ولده منها أو ولدها من غيره ولا فرق بين ما صرح معه بالزنا أو لم يصرح على مختار أكثر المعتبرات خلافا لما في المحيط ‏(‏ وطالبته ‏)‏ أي الزوجة ‏(‏ بموجبه ‏)‏ أي القذف وهو الحد فإنه حقها فلا بد من طلبها كسائر حقوقها ‏;‏ ولأنه من شرط اللعان ‏,‏ وإذا لم تكن عفيفة ليس لها المطالبة لفوات شرطه وفيه إشارة إلى أنها لو لم تطلب حقها لم يبطل وإن طالت المدة لكن لو سكتت ولم ترفع إلى الحاكم لكان أفضل ‏,‏ وينبغي للحاكم أن يقول لها اتركي وأعرضي عن هذا ‏(‏ وجب عليه اللعان ‏)‏ إن اعترف بالقذف أو أقامت عدلين مع إنكاره وإن أقامت رجلا وامرأتين لا تقبل وإن لم تجد لا تحلف اتفاقا ‏(‏ فإن أبى ‏)‏ أي امتنع زوج عن اللعان ‏(‏ حبس ‏)‏ أي حبسه الحاكم ‏(‏ حتى يلاعن أو يكذب نفسه ‏)‏ ‏.‏ وفي الإصلاح هاهنا غاية أخرى ينتهي الحبس عندها وهي أن تبين منه بطلاق أو غيره ‏(‏ فيحد ‏)‏ ولا يجوز العفو والإبراء ولا الصلح ‏.‏

باب العنين وغيره

قال صاحب المنيرة‏:‏ رجل عنين لا يقدر على إتيان النساء ولا يشتهي النساء، وامرأة عنينة لا تشتهي الرجال، وهو فِعِّيل بمعنى مفعول وشرعا ‏(‏ هو من لا يقدر على الجماع ‏)‏ مطلقا مع وجود الآلة ‏(‏ أو يقدر على الثيب دون البكر ‏)‏ أو يقدر على بعض النساء دون بعض لمرض به أو لضعف طبيعته أو لكبر سنه أو لسحر أو لغير ذلك فهو عنين في حق من لا يصل إليها لفوات المقصود في حقها سواء كانت آلته تقوم أو لا ولذا قال في شرح المنظومة‏:‏ الشكاز بفتح المعجمة وكاف مشددة وبعد الألف زاي هو الذي إذا جذب المرأة أنزل ثم لا تنشر آلته بعد ذلك لجماعها ‏,‏ وهو من قبيل العنين ويلحق بالعنين من كان ذكره صغيرا كالزر إلا من كانت آلته قصيرة لا يمكن إدخالها داخل الفرج فإنه لا محق لها في المطالبة بالتفريق كما في المحيط ‏.‏

وفي البحر‏:‏ إذا ولج الحشفة فقط ليس بعنين وإن كان مقطوعها فلا بد من إيلاج بقية الذكر وينبغي أن يقال الإيلاج بقدر الحشفة من مقطوعها ‏.‏ وفي الخانية إن كان الزوج عنينا والمرأة رتقاء لم يكن لها حق الفرقة لوجود المانع من قبلها ‏(‏ فلو أقر ‏)‏ الزوج ‏(‏ أنه لم يصل إلى زوجته يؤجله الحاكم ‏)‏ وقت الخصومة ولا عبرة لتأجيل غير الحاكم كائنا من كان ولو عزل هذا الحاكم بعد التأجيل بنى الثاني على الأول ‏,‏ وهذا إذا لم تعلم وقت النكاح أنه عنين ‏(‏ سنة قمرية ‏)‏ بالأهلة فإن المطلقة تنصرف إليها ‏,‏ وذا ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما إذا كان نصفها كل شهر ثلاثين يوما ونصفها تسعة وعشرين ‏,‏ وزاد يوم إذا كان سبعة منها ثلاثين ونقص يوم إذا كان خمسة منها ثلاثين والباقي تسعة وعشرين ‏(‏ وهو الصحيح ‏)‏ وهو ظاهر الرواية كما في الهداية وغيرها فكان هو المعتمد وفيه إشارة إلى أنه لم تعتبر القمرية بالحساب وذا ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما وثمان ساعات وثمان وأربعون دقيقة وهي من اجتماع القمر والشمس فيها اثنتي عشر مرة كما في القهستاني ‏.‏ وفي المحيط أن الاعتبار للشمسية وهي مدة مفارقة الشمس من نقطة من الفلك الثامن إلى العود إليها وذا في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وخمس ساعات وخمس وخمسين دقيقة واثنتي عشرة ثانية برصد بطليموس قال في الخلاصة وعليه الفتوى ‏.‏ وفي البحر إذا كان التأجيل في أثناء الشهر يعتبر بالأيام إجماعا ‏(‏ ويحتسب منها ‏)‏ أي من سنة التأجيل ‏(‏ رمضان وأيام حيضها ‏)‏ وكذا حجه وغيبته لا لو حجت هي أو غابت ‏;‏ لأن العجز من قبلها فكان عذرا ‏(‏ لا ‏)‏ يحتسب منها ‏(‏ مدة مرضه أو مرضها ‏)‏ وعليه الفتوى ‏;‏ لأن السنة قد تخلو عنه ‏.‏ وفي المحيط أصح الروايات عن أبي يوسف أن نصف الشهر ‏,‏ وما دونه يحتسب وما زاد لا ‏,‏ ولو حبس وامتنعت من المجيء لم يحتسب ‏,‏ وإن لم تمتنع ‏,‏ وكان في الحبس موضع خلوة احتسب والمريض لا يؤجل إلا بعد الصحة وإن طال المرض ‏,‏ وكذا المحرم ‏(‏ فإن ‏)‏ أقر أنه ‏(‏ لم يصل فيها ‏)‏ أي في سنة أجل ‏(‏ فرق بينهما ‏)‏ أي قال الحاكم فرقت بينكما إن أبى الزوج عن تطليقها فيشترط للفرقة حضور الزوجين والقضاء ‏,‏ وعنهما أنها كما اختارت نفسها تقع الفرقة بينهما اعتبارا بالمخيرة بتخيير الزوج أو بتخيير الشرع ‏(‏ إن طلبته ‏)‏ أي الزوجة طلبا ثانيا فالأول للتأجيل والثاني للتفريق ‏;‏ لأنه خالص حقها وفي البحر قوله إن طلبت متعلق بالجميع وهو حسن وطلب وكيلها عند غيبتها كطلبها على خلاف فيه وفيه إشعار بأن حقها لم يبطل بتأخير الطلب أولا وثانيا ‏,‏ وكذا لو خاصمته ثم تركت مدة فلها المطالبة ‏,‏ ولو طاوعته في المضاجعة تلك الأيام ولو تزوجها بعد التفريق لم يكن لها الخيار لرضاها بحاله ‏(‏ وهو ‏)‏ أي التفريق ‏(‏ طلقة بائنة ‏)‏ ولها كمال المهر إن خلا بها وعليها العدة إلا عند الشافعي وأحمد الفرقة بها فسخ ‏(‏ فلو قال ‏)‏ الزوج ‏(‏ وطئت وأنكرت ‏)‏ أي الزوجة الوطء ‏(‏ إن كان ‏)‏ الاختلاف ‏(‏ قبل التأجيل ‏)‏ فلا يخلو من أن تكون ثيبا أو بكرا ‏(‏ فإن كانت ‏)‏ حين تزوجها ‏(‏ ثيبا أو بكرا ‏)‏ فقال وطئت وأنكرت ‏(‏ فنظرن ‏)‏ أي النساء ‏(‏ إليها ‏)‏ بأن يمتحن بصب بيضة الحمامة المطبوخة المقشرة فإن مرت بغير علاج فثيب وقيل بالبول على الجدار فإن سال على الفخذ فثيب وفيه تردد فإن موضع البكارة غير المبال والأحسن المرأة العدل فإنها كافية والاثنتان أحوط ‏.‏ وفي البدائع أوثق واشترط في الكافي عدالتها فعلى هذا لو قال فنظرت امرأة ثقة لكان أولى تدبر ‏.‏ ‏(‏ فقلن ‏)‏ بعد النظر والأولى أن يقول قالت لما بيناه آنفا وكذا ما سيأتي ‏(‏ هي ثيب فالقول له ‏)‏ أي للزوج ‏(‏ مع يمينه وإن ‏)‏ نظرن و ‏(‏ قلن هي بكر أجل ‏)‏ سنة أما في أول فلأن المرأة تدعي استحقاق الفرقة عليه ‏,‏ وهو ينكرها ‏;‏ ولأنه متمسك بالأصل ‏,‏ وهو السلامة فيكون القول قوله مع يمينه ‏,‏ وأما الثانية فلإمكان زوال بكارتها بشيء آخر فيشترط اليمين مع شهادة العدل ليكون حجة فإن حلف في المسألتين بطل حقها ‏.‏ ‏(‏ وكذا ‏)‏ أي أجل ‏(‏ إن نكل ‏)‏ أي امتنع الزوج عن الحلف في المسألتين ‏.‏ ‏(‏ وإن كان ‏)‏ الاختلاف ‏(‏ بعد التأجيل ‏,‏ وهي ثيب ‏)‏ في الأصل ‏(‏ أو بكر ‏)‏ فنظرن ‏(‏ وقلن ثيب فالقول له ‏)‏ مع يمينه ‏(‏ وإن قلن بكر خيرت ‏)‏ ‏;‏ لأن شهادة العدل تأيدت بأصل البكارة ‏.‏ ‏(‏ وكذا ‏)‏ خيرت ‏(‏ إن نكل ‏)‏ لتأيدها بالنكول ‏(‏ ومتى اختارته بطل خيارها ‏)‏ ‏;‏ لأنها رضيت به أطلقه فشمل الاختيار حقيقة أو حكما كما إذا قامت من مجلسها أو أقامها أعوان القاضي أو أقام القاضي قبل أن تختار شيئا وعليه الفتوى كما في البحر ‏(‏ والخصي ‏)‏ الذي نزع خصيتاه ‏(‏ كالعنين ‏)‏ يعني إذا لم تنتشر آلته ‏;‏ لأن وطأه مرجو وإن كان بحيث تنتشر آلته ويصل إلى النساء فلا خيار لها كما صرحوا به ‏(‏ والمجبوب ‏)‏ الذي قطع ذكره وخصيتاه ‏(‏ يفرق ‏)‏ بينهما ‏(‏ للحال ‏)‏ إن طلبت لعدم الفائدة في التأجيل فلو جب بعد وصوله إليها مرة أو صار عنينا بعده لا يفرق ولو جاءت امرأة المجبوب بولد بعد التفريق إلى سنتين يثبت نسبه والتفريق بحاله بخلاف العنين حيث يبطل التفريق ‏;‏ لأنه لما ثبت نسبه لم يبق عنينا ذكره في الغاية ‏.‏ وقال الزيلعي ‏:‏ وفيه نظر ‏;‏ لأنه وقع الطلاق بتفريقه وهو بائن فكيف يبطل ألا ترى أنها لو أقرت بعد التفريق بالوصل إليها لا يبطل انتهى ‏.‏ لكن وقوع الطلاق غير مسلم ‏;‏ لأنه لم يصادف محله تدبر ‏.‏

باب العدة

لما كان ترتيب الوجود على الفرقة بجميع أنواعها أو ردها عقيب الكل ‏(‏ هي ‏)‏ لغة الإحصاء وشرعا ‏(‏ تربص يلزم المرأة ‏)‏ عند زوال النكاح أو شبهته وسبب وجوبها النكاح المتأكد بالتسليم وما جرى مجراه من الخلوة والموت وشرطه الفرقة وركنها حرمات ثابتة بها وصحة الطلاق في العدة ولا يرد عليه العدة الصغيرة إذ لا لزوم في حقها ولا تربص ‏;‏ لأنها ليس هي المخاطبة بل الولي هو المخاطب بأن لا يزوجها حتى تنقضي مدة العدة قيد بقوله تلزم المرأة ‏;‏ لأن ما يلزم الرجل من التربص عن الزواج إلى مضي عدة امرأته في نكاح أختها ونحوه لا يسمى عدة اصطلاحا وإن وجد معنى العدة ويجوز إطلاق العدة عليه شرعا وعلى هذا ما في الكتاب معناها الاصطلاحي وأما في الشريعة فهي تربص يلزم المرأة والرجل عند وجود سببه كما في البحر ‏(‏ عدة الحرة ‏)‏ المدخولة التي تحيض ‏(‏ للطلاق والفسخ ‏)‏ أو الرفع قيدنا به ‏;‏ لأن النكاح بعد تمامه لا يحتمل الفسخ عندنا فكل فرقة بغير طلاق قبل تمام النكاح كالفرقة بخيار العتق ‏,‏ والفرقة بخيار العتق والفرقة لعدم الكفاءة فسخ وكل فرقة بغير طلاق بعد تمام النكاح كالفرقة بملك أحد الزوجين للآخر والفرقة بتقبيل ابن الزوج ونحوه رفع كما في الإصلاح فعلى هذا لو قال عدة الحرة والفرقة لكان أخصر وأشمل تأمل ‏.‏ ‏(‏ ثلاثة قروء أي حيض ‏)‏ لقوله تعالى ‏{‏ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ‏}‏ ولهذا أتى بلفظ القروء ثم فسره بالحيض ‏.‏ وقال الشافعي ومالك طهر وبه كان يقول ابن حنبل ثم رجع والدلائل بينت في الأصول فليراجع ‏.‏ ‏(‏ وكذا من وطئت بشبهة ‏)‏ بملك النكاح كمن استأجرته فإنه تجب العدة عنده خلافا لهما ‏,‏ وكمن زفت إليه غير امرأته وهو لا يعرف أو بملك اليمين كجارية ابنه وأبيه وأمه وامرأته وقال أظن أنها تحل لي كما في القهستاني ‏(‏ أو ب ‏)‏ سبب ‏(‏ نكاح فاسد ‏)‏ كالمتعة والمؤقت وبلا شهود ونكاح الأخت في عدة أختها ونكاح الخامسة في عدة الرابعة ‏,‏ وفيه إشارة إلى أنه لا عدة على الموطوءة بالزنا ولا على المخلو بها بالشبهة ‏(‏ وفرق ‏)‏ سواء بالقضاء أو غيره ‏(‏ أو مات عنها زوجها ‏)‏ وهما متعلقان بالموطوءة بهما لا بد للتعرف فإن قيل التعرف يحصل بحيضة واحدة كما في الاستبراء قلنا إنما وجب الثلاثة في النكاح الصحيح لجواز أن تحيض الحامل إذ هو مجتهد فيه فلا يتبين الفراغ بحيضة فقدر بالثلاث ليعلم فراغ الرحم ‏;‏ لأنه عدد معتبر في الشرع والفاسد ملحق بالصحيح في حق ثبوت النسب فيقدر بالأقراء الثلاثة صيانة للماء عن الاختلاط والأنساب عن الاشتباه كما قدر الصحيح بها ‏,‏ والغرض من الأمة قضاء الشهوة لا الولد فلم يكن أمرها مهما فاكتفي باستبرائها بحيضة بخلاف أم الولد ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ كذا ‏(‏ أم ولد أعتقت أو مات عنها مولاها ‏)‏ فإن عدتها أيضا إذا كانت ممن تحيض ثلاث حيض كوامل لزوال الفراش كمنكوحة بخلاف غيرها من الإماء وعند الأئمة الثلاثة حيضة لزوال ملك اليمين كالاستبراء هذا إذا لم تكن مزوجة أو معتدة وإلا لا يجب عليها العدة بموت المولى ولا بالإعتاق ‏(‏ ولا يحتسب ‏)‏ من العدة ‏(‏ حيض طلقت فيه ‏)‏ ‏;‏ لأن ما وجد منها قبل الطلاق لا يحتسب من العدة فلا يحتسب ما بقي ‏;‏ لأن الحيضة لا تتجزأ ولو قال حيض وقعت الفرقة لكان شاملا للفسخ والرفع تدبر ‏.‏ ‏(‏ وإن كانت ‏)‏ الحرة مطلقة أو مفسوخا عنها أو مرفوعا ‏(‏ لا تحيض لكبر أو صغر أو بلغت بالسن ‏)‏ أي وصلت إلى خمسة عشر سنة على المفتى به ‏(‏ ولم تحض ‏)‏ فإنها لو حاضت ثم ارتفع حيضها فإن عدتها بالحيض إلى أن تبلغ حد الإياس ‏(‏ فثلاثة أشهر ‏)‏ أي فعدتها ثلاثة أشهر بالأيام إن وطئت حقيقة أو حكما حتى تجب على مطلقة بعد الخلوة ولو فاسدة ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ عدة الحرة مؤمنة أو كافرة تحت مسلم صغيرة أو كبيرة ولو غير مخلو بها ‏(‏ للموت في نكاح صحيح أربعة أشهر وعشرة أيام ‏)‏ وعن الأوزاعي أن المقدر فيه عشر ليال فيجوز لها أن تتزوج في اليوم العاشر لكن الأحوط ما في الكافي أن الأيام تابعة لليالي ومن الظن ترجيح قول الأوزاعي بتذكير عشر في قوله تعالى ‏{‏ يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا ‏}‏ فإن المميز إذا حذف جاز تذكير العدد ‏.‏

‏(‏ وعدة الأمة ‏)‏ التي تحيض للطلاق أو الفسخ والوطء بشبهة أو نكاح فاسد للموت أو الفرقة سواء كانت قنة أو مدبرة أو أم ولد أو مكاتبة أو معتقة البعض عند الإمام ‏(‏ حيضتان ‏)‏ كاملتان لقوله عليه الصلاة والسلام ‏"‏طلاق الأمة طلقتان وعدتها حيضتان‏"‏ وقد تلقته الأمة بالقبول فجاز تخصيص العمومات به ‏;‏ ولأن الرق منصف والحيضة لا تتجزأ وكملت فصارت حيضتان ‏(‏ وفي الموت وعدم الحيض نصف ما للحرة ‏)‏ فللتي لم تحض لصغر أو لكبر أو بلوغ بالسن شهر ونصف وللتي مات عنها زوجها شهران وخمسة أيام لقبول التنصيف فيهما ‏.‏

‏(‏ وعدة الحامل وضع الحمل مطلقا ‏)‏ وإن كان الموضوع سقطا استبان بعض خلقه لقوله تعالى ‏{‏ وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ‏}‏ وهو بإطلاقه شامل للحرة والأمة المسلمة والكتابية مطلقة أو متاركة في النكاح الفاسد أو وطئت بشبهة والمتوفى عنها زوجها ‏.‏ وفي البحر تفصيل فليراجع ‏.‏ ‏(‏ ولو ‏)‏ وصلية ‏(‏ مات عنها ‏)‏ زوج ‏(‏ صبي ‏)‏ لم يبلغ اثني عشر سنة وولدت بعد موته لأقل من ستة أشهر عند الطرفين ويجوز لها أن تتزوج قبل أن تطهر من نفاسها إلا أنه لا يقر بها قبله كما في الحيض ‏(‏ وعند أبي يوسف ‏)‏ والأئمة الثلاثة ‏(‏ إن مات عنها صبي فعدتها بالأشهر ‏)‏ أي بأن تعتد أربعة أشهر وعشرا كحادث بعد موت الصغير لتيقن البراءة عن ماء الصغير ولهما أن العدة شرعت لقضاء حق النكاح لا لبراءة الرحم ‏,‏ وهذا المعنى متحقق في الصبي لإطلاق النص من غير فصل بين أن يكون منه أو من غيره بخلاف الحمل الحادث ‏;‏ لأنه لم يثبت وجوده وقت الموت فوجبت العدة بالأشهر فلا يتغير بحدوثه بعد ذلك فلهذا قال ‏.‏ ‏(‏ وإن حملت بعد موت الصبي ‏)‏ بأن ولدت بعد موته لستة أشهر فصاعدا على ما هو الأصح ‏(‏ فعدتها بالأشهر إجماعا ولا نسب في الوجهين ‏)‏ أي فيما إذا حبلت قبل موت الصبي أو بعده ‏;‏ لأن الصبي لا ماء له فلا يتصور العلوق وفيه إشعار بأنه ثبت من غير الصبي في الوجهين إلا إذا ولدت لأكثر من سنتين فيحكم بانقضائها قبل الوضع بستة أشهر كما في القهستاني ‏.‏ وفي المنح إن الحامل من الزنا إذا تزوجت ثم مات عنها زوجها فعدتها بوضع الحمل وإنما قلنا هذا ‏;‏ لأن الحامل من الزنا لا عدة عليها عند الطرفين ‏;‏ ولهذا صححنا نكاحها لغير الزاني وإن حرم الوطء ‏(‏ ومن طلقت في مرض موت رجعيا كالزوجة ‏)‏ يعني تعتد عدة الوفاة إجماعا ‏.‏ ‏(‏ وإن ‏)‏ كان الطلاق في مرض الموت ‏(‏ بائنا ‏)‏ أو ثلاثا ‏(‏ تعتد بأبعد الأجلين ‏)‏ أي العدتين ثلاث حيض وأربعة أشهر وعشرا حتى إذا أبانها ثم مات بعد شهر فتم لها أربعة أشهر وعشرة أيام من وقت الطلاق ولم تر في هذه المدة إلا حيضة واحدة فعليها حيضتان أخريان لتستكمل في العدة ثلاث حيض ‏,‏ وهذا عند الطرفين ‏;‏ لأن النكاح بقي في حق الإرث فلأن يبقى في حق العدة أولى ‏;‏ لأن العدة مما يحتاط فيها فيجب أبعد الأجلين ‏(‏ وعند أبي يوسف كالرجعي ‏)‏ ‏;‏ لأن النكاح انقطع بالطلاق ولزمها العدة بثلاث حيض إلا أنه بقي أثره في الإرث لا في تغيير العدة بخلاف الرجعي ‏;‏ لأن النكاح باق من كل وجه كما في عامة المعتبرات فعلى هذا قول المصنف كالرجعي سهو من قلم الناسخ والصواب ثلاث حيض تأمل ‏.‏

فصل في الإحداد ‏(‏ تحد ‏)‏ أي تتأسف وجوبا على فوت نعمة النكاح من أحدت الزوجة إحدادا فهي محدة أو من يحد بالضم أو الكسر حدادا فهي حادة أي امتنعت من الزينة بعد وفاة زوجها كما في الإصلاح ‏(‏ معتدة البائن ‏)‏ بالطلاق أو الخلع أو الإيلاء أو اللعان أو بفرقة أخرى فلا يجب على المطلقة قبل الدخول والمطلقة الرجعية بل يستحب لها للطلاق الرجعي التزين لترغيب الزوج ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ معتدة ‏(‏ الموت إن كانت مكلفة ‏)‏ مسلمة حرة أو أمة فلا يجب على المجنونة والصغيرة والكتابية ‏;‏ لأنها عبادة فلا تجب إلا على من يخاطب بها وقال محمد ‏:‏ لا يحل الإحداد على غير الزوج كالولد والأبوين وسائر الأقارب قيل أراد بذلك فيما زاد على الثلاث لما في الحديث من إباحته للمسلمات على غير أزواجهن ثلاثة أيام وعند الأئمة الثلاثة الإحداد في الموت فقط ولو صغيرة أو كافرة تحت مسلم ‏(‏ بترك الزينة ‏)‏ ظرف تحد والزينة ما تزينت به المرأة من حلي أو كحل كما في الكشاف فقد استدرك ما بعده كما في القهستاني ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ ترك ‏(‏ لبس ‏)‏ الثوب ‏(‏ المزعفر والمعصفر ‏)‏ أي المصبوغ بالزعفران والعصفر بالضم إذ يفوح منهما رائحة الطيب هذا إذا كان الثوب جديدا تقع به الزينة أما إذا كان خلقا لا تحصل به الزينة فلا بأس بلبسه ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ ترك ‏(‏ الطيب ‏)‏ أي استعماله في البدن والثوب بأنواعه ولو للتجربة ‏(‏ والدهن ‏)‏ مطلقا ولو غير مطيب ‏,‏ والدهن بالفتح مصدر من دهن يدهن وبالضم الاسم ‏(‏ والكحل ‏)‏ بالضم والفتح أي الاكتحال به ‏(‏ والحناء ‏)‏ أي الاختضاب به ‏(‏ إلا من عذر ‏)‏ متعلق بالجميع أي بأن كانت فقيرة لا تجد إلا أحد هذه الأثواب أو بها حكة أو مرض أو قمل فتلبس الحرير لأجلها أو اشتكت رأسها أو عينها أو اعتادت الدهن أو اكتحلت للمعالجة ولا تمتشط بمشط أسنانه ضيقة ‏;‏ لأنه لتحسين الشعر لا لدفع الأذى بخلاف الواسعة وعند الأئمة الثلاثة تمتشط به ‏(‏ لا ‏)‏ تحد ‏(‏ معتدة العتق ‏)‏ بأن أعتق أم ولده أو مات عنها ‏.‏ ‏(‏ و ‏)‏ لا معتدة ‏(‏ النكاح الفاسد ‏)‏ ولا في عدة الموطوءة بشبهة ‏;‏ لأن الإحداد لإظهار التأسف على فوات نعمة النكاح ولم يفتها ذلك ‏(‏ ولا تخطب ‏)‏ بالضم من خطب المرء في النكاح خطبة بالكسر لا من خطب على المنبر خطبة بالضم ‏(‏ المعتدة ولا بأس بالتعريض ‏)‏ وهو أن يذكر شيئا يدل على شيء لم يذكره وهو هاهنا أن يقول إنك لجميلة وإنك لصالحة ومن غرضي أن أتزوج ونحو ذلك مما يدل على إرادة التزوج ولا يجوز التصريح مثل أن يقول إني أريد أن أنكحك ‏,‏ هذا في معتدة الوفاة وأما في معتدة الطلاق فلا يجوز التعريض سواء كان رجعيا أو بائنا أما الرجعي فلأن الزوجية قائمة وأما في البينونة فلأن تعريضها يورث العداوة بينها وبين الزوج وكذا بينه وبين المخاطب كما في التبيين فعلى هذا لو قيد المصنف بمعتدة الوفاة لكان أولى تدبر ‏.‏